منذُ ولوجي الساحة الإعلامية وأنا على يقين بأن الثمن سيكون باهظاً، ثمن الرأي الذي أُبديه والفكرة التي أتبناها، ما أقوله في التلفزيون وما أكتبه في المقال، علاوة على أن الضغوطات التي تحيط بي مزمنة ولا تنتهي، فأنا إن دفعني الحس القومي لتصويب أو انتقاد قرار رئيس عربي، لن استطيع قول أو كتابة شيء إلا وقد فسر سفير هذا الرئيس نيتي ودخل في قلبي، وسيقول الشعب انني حاقد ومتمصلح. وإن جئت لأقول رأياً أو أكتب فكرة عما يحدث في منطقة الخليج، فسوف تلوكني ألسن البهتان ليل نهار بأنني مع هذا وضد ذاك، وبأن ذمتي قد بيعت في سوق نخاسة الآراء. وإن وددت انتقاد وتعرية الغرب ووسائله وأجهزته، قفز العملاء المبرمجون فقالوا: إن الحرية في الغرب، والديمقراطية الاميركية هي النموذج، فمن تكون أنت؟!
بين النيابة والمحاكم والتحقيق قضيت ما لم أقضه في ساعات البث التلفزيوني أو وقت الكتابة اليومية، ومع ذلك كان كالشهد على قلبي، فإن الإنسان يخضع لوتيرة الحدث وتبعاته، فالحياة الراكدة الهادئة الهانئة خلقت في الدنيا للمستسلمين للواقع، وبعض من يرى الحياة «أكل وشرب ونوم»، بينما حراك العقول هو الأصل. حتى في بلدي كويت الحرية، إن تطرقت لموقف نيابي أو وزاري، فإن المحصلة ستكون مؤلمة، فنحن نظام سياسي معقد و«أهبل»، المعارضة والموالاة «معزبهم» واحد، ذاك المتنفذ مالك المال والمناقصات والعقود، فإن رأيت المعارضة تنتفض فلأن المتنفذ خسر مناقصة، وإن رأيت الموالاة تهاجم المعارضة، فاعلم أن متنفذاً آخر خسر عقداً حكومياً. كم هو ممل هذا الوضع التعيس، الفاعل والمفعول به مخدران، وتشريع القانون «هيك وهيك»، والإعلام مكبل، والشعوب تجري حول قافلة لا تسير رغم نباح الكلاب.
الإثنين, 25 يونيو 2018
السلام مُتعب

جعفر محمد
وسع صدرك